سوريا تواجه أزمة صحية خانقة وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات
سوريا تواجه أزمة صحية خانقة وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات
شهد القطاع الصحي في سوريا انهيارًا متسارعًا، حيث تعاني المستشفيات الحكومية في دمشق من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما أدى إلى تفاقم معاناة المرضى وزيادة الضغط على الكوادر الطبية.
وعكس مستشفى المواساة الجامعي، أكبر المستشفيات الحكومية في العاصمة، حجم الكارثة الصحية، حيث بدت أجنحته مكتظة بالمرضى الذين لا يتلقون العلاج الكافي، فيما يواجه الأطباء نقصًا في الأدوات الأساسية اللازمة لرعاية المرضى.
معاناة المرضى في غياب العلاج
اضطر المرضى في المستشفى إلى شراء الأدوية على نفقتهم الخاصة بسبب انعدام المخزون الدوائي في المستشفيات.
وقالت إحدى المريضات بمرارة: "عم تضطر بنتي تنزل بالليل وتشتري الدواء لأنه بالمستشفى مافي، وأنا بحاجة لست حقن يوميًا، وسعر الحقنة 600 ألف ليرة، والله عم ناكل دوا أكثر من الأكل".
وأكد أحد الأطباء المتطوعين أن الأزمة تجاوزت حدود الأزمات المعتادة، قائلًا: "ما عم نقدر نعطيهم شي إلا القليل، هناك نقص بكل شيء حتى الشاش".
وروت ابنة إحدى المريضات عن معاناة والدتها التي تنتظر تصويرًا طبقيًا محوريًا منذ أكثر من أسبوع بسبب تعطل الأجهزة، مشيرةً إلى أنها بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة غير متوفرة.
ضغط شديد على الكوادر الطبية
واصل الأطباء العمل في ظروف قاسية، حيث أكدت الطبيبة هبة الواع أن الوضع داخل المستشفى يصل إلى حدود الكارثة.
وقالت: "نعمل لـ36 ساعة دون توقف، وكل شيء يفتقر لأي معايير صحيحة، كل شيء مهترئ، نحن الآن في أسوأ طابق في سوريا".
وتجاوزت الأزمة قدرات الكوادر الطبية، حيث توقف أكثر من نصف الأجهزة الطبية عن العمل، مما جعل إجراء العمليات الجراحية وتقديم الرعاية العاجلة أمرًا بالغ الصعوبة.
نداءات استغاثة
أعلن رئيس لجنة الاستجابة السريعة، عبد الرحمن آقبيق، أن جهود تنظيم العمل وجمع التبرعات من المجتمع المدني مستمرة، لكنها لا تغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات الضخمة.
وقال: "المساهمات المحلية تمثل نقطة في بحر من الاحتياجات"، في إشارة إلى حجم الأزمة التي لم تقتصر على المستشفيات، بل أغرقت النظام الصحي بأكمله.
وأكد مدير مستشفى المواساة، أمين سليمان، أن تهالك الأجهزة الطبية وانعدام الدعم المالي، إضافة إلى العقوبات الدولية التي تعرقل وصول الأدوية وقطع الغيار للمعدات، قد فاقمت من حدة الأزمة وجعلت التعافي أكثر تعقيدًا.
ثلث النظام الصحي لا يزال فعالًا
كشف مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة، زهير قراط، أن 35% فقط من المنشآت الصحية لا تزال تعمل، بينما تبذل الوزارة جهودًا للتواصل مع المنظمات الدولية والعواصم العالمية لمحاولة تسريع عملية التعافي الصحي في البلاد.
ورغم المساعي المبذولة، حذرت التقارير الرسمية من أن الأزمة الصحية لن تنتهي قريبًا، وأن الوضع في سوريا يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، مما يضع المرضى والأطباء أمام تحديات غير مسبوقة.